المصدر / وكالات - هيا
تعيش مدن جنوب العراق منذ عدة عقود ظاهرة النزاع العشائري المسلح إلا أنها استفحلت وزادت بشكل كبير وملحوظ بعد العام 2003 وغياب الأمن وتفشي السلاح والاستقواء بالعشيرة والطائفة على حساب القانون والدولة.
وقبل أيام تجددت تلك النزاعات، فقد شهدت مدن ميسان وذي قار والبصرة جنوبي البلاد، اشتباكات عشائرية مسلحة دامت ساعات بسبب قضايا عائلية وأحياناً مشكلات غير ذات أهمية.
أسباب عائلية
ومن تلك الأسباب التقدم للزواج على سبيل المثال، من ابنة عم أحدهم وعدم رضاه، أو كما تسمى في العراق (النهوة). ففي مثل تلك الحالالت، غالباً ما يحذر الشخص المعني بعدم التقرب من ابنة عمه لأنه يريد الزواج منها، إلا أن الأمر سرعان ما ينتهي بمأساة تخطف العديد من الضحايا.
كما قد تشعل أسباب أخرى أقل أهمية مثل شراء المواشي أو بيع وشراء السيارات بالدين نار هذه الخلافات.
وفي هذا السياق، أفاد كرار العبودي، وهو من منطقة الشطرة في مدينة ذي قار، لـ"العربية.نت" بأن حالة طلاق بين زوجين ينتميان لقبيلتين مختلفتين، تسبب بمقتل 6 أشخاص وإصابة أكثر من 20، قبل أيام قليلة.
وكانت محافظة ذي قار شهدتأيضا الشهر الماضي مقتل ضابط برتبة عميد في الجيش العراقي أثناء محاولته فض نزاع بين قبيلتي العبودة وبني زيد.
وأراد القتيل المساهمة في وأد نزاع كان مستمرا منذ العام 2018 بسبب قتل فرد من عشيرة العبودة على يد شخص من بني زيد، إلا أن تلك المحاولة انتهت بمقتله.
ضعف تطبيق القانون
من جهته، كشف الشيخ راشد آل غزي لـ"العربية.نت" أن النزاعات المسلحة بين العشائر تعود لضعف تطبيق القانون، مشيراً إلى أن شيوخ العشائر أجمع هم مع فرض القانون واستعادة هيبته بشكل كبير دون مجاملات لأحد مهما كان.
وأضاف أن أكثر النزاعات العشائرية هي بسبب خلافات على ملكية الأراضي الزراعية أو خلافات بين مراهقين تتطور لنزاعات عشائرية ومشاكل اجتماعية أخرى.
في حين، رأى محمد علي البيضاني، إن النزاعات العشائرية تؤدي لمقتل أناس أبرياء عبر رصاص طائش، فيما هم ليسوا طرفا فيها.
كما أشار إلى أن الكثير من تلك المناطق التي تتصاعد فيها النزاعات مازالت تعيش في أزمات كبيرة منها غياب البنى التحتية والخدمات، حيث يعيش الناس في ظروف بدائية غابت عنها الخدمات وكل وسائل العيش الكريم.
قتلى بسبب البطيخ
إلى ذلك، تندلع صراعات في بعض الأحيان بسبب أمور تافهة، فقبل أيام قليلة وقع نزاع عشائري بين أفراد من عشيرتين مختلفتين في إحدى مناطق بغداد بسبب سعر البطيخ ما أدى لمقتل 6 أشخاص.
في ذات السياق، أكدت مصادر أمنية من مدينة سوق الشيوخ لـ"العربية.نت"، أن هذه النزاعات لم تنته رغم حملات الاعتقال التي تطاول أفرادا من العشائر التي لاتزال تؤمن بأخذ الثأر والاعتداء على الآخرين".
وأوضحت أن عدد المعتقلين في ذي قار وحدها بتهم النزاعات المسلحة بلغ نحو 280 شخصاً منذ مطلع عام 2022، لكن عادة ما يتم التدخل من قبل مسؤولين ووجهاء في المدينة للإفراج عنهم بضمان عدم مشاركتهم في أي نزاعات بالمستقبل.
الدكة العشائرية
يشار إلى أنه من أكثر النزاعات العشائرية دموية ما يعرف في العراق باسم "الدكة العشائرية" والتي تعني إقدام مسلحين ينتمون إلى قبيلة معينة على تهديد أسرة تنتمي إلى قبيلة ثانية في بيتها.
وتقع الدكة من خلال عملية إطلاق نار بمختلف الأسلحة بما فيها الثقيلة أو إلقاء قنابل يدوية أحيانا على منزل الجهة المستهدفة، كتحذير شديد اللهجة بهدف دفعها إلى التفاوض لتسوية الخلاف.
طائرات مسيرة
ولعل الأخطر من كل ذلك، أن تلك النزاعات تطورت، فلم تعد تقتصر على الرصاص الحي، بل دخلت عليها تقنيات جديدة، مثل طائرات التصوير المسيرة، التي تستخدم من أجل الاستطلاع ومعرفة أماكن وجود الخصم.
وفي السياق أوضح مصدر لـ "العربية نت" طالبا عدم كشف هويته، أن طائرة الدرون تباع في الأسواق، وتستخدم في الاشتباكات العشائرية ومعرفة أماكن الخصوم.
يذكر أن وزارة الداخلية العراقية استحدثت مديرية خاصة لشؤون العشائر لكسب ود كل العشائر وتسهيل فرض القانون.
وعلى الرغم من وجود هذه المديرية ولقاءاتها المستمرة مع شيوخ العشائر إلا أن فورة العصبيات القبلية تفسد ما تسعى إليه الدولة من محاولتها لفرض القانون واستعادة هيبته.