المصدر / وكالات - هيا
ما زال كشف أنقرة عن شبكة التجسس الإسرائيلية يحظى بتناول لافت لوسائل الإعلام الإسرائيلية رغم الصمت الرسمي، وسط تقدير بأن تتحول "الفضيحة" إلى أزمة سياسية أخرى بينهما.
ورغم أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل كانت هادئة نسبيًا في الأشهر الأخيرة، لكن التوتر الأساسي بينهما لم يختف، بل ما زال موجودا، ويشبه الجمر الهامس الذي ينفجر كلما قررت تركيا أن "تنفخ عليه" وفق التعبير الإسرائيلي، ما يعني أن التوترات ستبقى طالما استمرت تركيا في سياستها المناهضة للسلوك الإسرائيلي.
أمير بار-شالوم الخبير العسكري الإسرائيلي ذكر في موقع زمن إسرائيل، أن "كشف تركيا لشبكة التجسس الإسرائيلية يأتي وسط ضيافة ودية لمسؤولي حماس هناك، ما يثير استياء تل أبيب، ولذلك سمحت الأوساط الرسمية التركية لوسائل الإعلام أن تناقش هذه القضية بإسهاب، بل وتغذيها بالكثير من التفاصيل من تحقيقات المعتقلين، رغم أن صناع القرار الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان ما زال صامتاً".
وأضاف في تقرير أن "التقدير الإسرائيلي يعتبر أن أي تصريح من أردوغان حول القضية سيخلق أزمة فورية مع إسرائيل، لذلك فهو يرغب بالحفاظ على مساحة من تجاهل الأمر، ولو مؤقتا، فيما منح ضوء أخضر لأجهزة الأمن في تسريب مزيد من التفاصيل عن القضية، ما يشير إلى أن الأتراك يفكرون بشكل واسع للغاية، ولذلك حرصوا على نشر تفاصيل شبكة الموساد على نطاق واسع، والرسالة التي يريد الأتراك نقلها أنهم يعملون ضد جميع من ينتهك سيادتهم".
الجدير بالذكر أن الشبكة الإسرائيلية كان الغرض منها، بحسب الأجهزة الأمنية التركية، مراقبة الطلاب والمنظمات الفلسطينية في تركيا، رغم أن أفرادها عرّفوا أنفسهم بأنهم باحثون يعملون لصالح مؤسسات أوروبية تدعم النضال الفلسطيني، وليس من الواضح ما إذا كانوا يعرفون أنهم يعملون لصالح إسرائيل.
في الوقت ذاته، فإن عدم وجود يهود أو إسرائيليين بين المتورطين في شبكة التجسس هذه أمر مهم، ويحول دون تطور شدة الأزمة وحدتها بين أنقرة وتل أبيب، ويمكن أن يقلل الضرر في السياق الإسرائيلي، الذي يبدي انزعاجه الدائم من احتضان تركيا لعناصر تراها إسرائيل "معادية"، والقناعة الإسرائيلية السائدة بأنه ما دام أردوغان يمسك بزمام الأمور في بلاده، فلا يتوقع أن يتغير ذلك في أي وقت قريب.
أكثر من ذلك، فإن الكشف عن شبكة التجسس هذه يترافق مع عدم حدوث تطبيع حقيقي للعلاقات الإسرائيلية التركية، لأن ما يحدث حتى الآن بينهما أبعد ما يكون عن هذا التعريف، فالدولتان لهما تحالفات سياسية واقتصادية متناقضة، لا سيما إسرائيل التي تتحالف مع اليونان وقبرص ومصر، والآن مع دول الخليج، رغبة منها في تطويق تركيا، ما يشير إلى تغير جدي للوضع الجيو-سياسي في الشرق الأوسط، وقد يصل الى حافة الهاوية، في حال اصطدمتا عقب هذه الأزمة.