المصدر / وكالات - هيا
حسن الشوبكي-عمان
يبدو أن الضجر من خطة السلام الأميركية ومفاعليها قد استوطن كل من يترقبها ويأمل ألا تصله حرائقها، وهو ما يفسر الرسالة المقتضبة جدا التي أرسلها الملك عبد الله الثاني من العقبة جنوب البلاد مساء أمس الأحد ليطمئن شعبه.
رسالة الملك انطوت على سبع كلمات فقط عشية ظهور تفاصيل الخطة التي شكلت تربة خصبة للأخبار والتسريبات والشائعات تارة ولممارسة الضغوط على الفلسطينيين والأردنيين تارة أخرى، في موازاة أحاديث وتصريحات ملكية كررت أكثر من مرة الموقف الأردني من أي تسوية، فقد قال الملك باختصار شديد "موقفنا معروف جدا: كلا.. واضح جدا للجميع".
ويترقب الجميع إعلان خطة السلام الأميركية بعد ثلاث سنوات من مراوحتها الغرف الأميركية والإسرائيلية المغلقة، مشكلة بذلك مصدر إزعاج مزمن للسياسيين وعامة الشعب في الأردن وفلسطين، فهناك من يراها "إعلان حرب" رغم أنها تحمل اسم "خطة سلام".
ألقت الخطة وتسريباتها بظلالها على وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي قال قبل يومين "لا صحة لموضوع العودة عن قرار فك الارتباط القانوني مع الضفة الغربية".
جاء هذا التصريح ردا على مقالات صحفية محلية ترى أن قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية عام 1988 "كان كارثيا في مالاته ويجب العودة عنه" لكن الصفدي أكد أنه "لم يتم طرح موضوع فك الارتباط لا سابقا ولا حاليا".
وكرر الوزير القول "إن كل ما نسمعه عن الصفقة يأتي عبر ما ينشر في الإعلام" مضيفا أن بلاده "ستتعامل معها حال صدروها وفق الثوابت الأردنية وبما يحمي مصالحنا، والأردن لن يكون جزءا من تنفيذ صفقات تضر بمصالحه".
وأد الفتنة
ودخل مجلس النواب على الخط، وتلا رئيسه عاطف الطراونة أمس بيانا أكد فيه أن "الاحتلال الإسرائيلي يحاول تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن وفلسطين" داعيا إلى "التمسك بوحدة الصف، وإغلاق أبواب الفتنة أمام من يحاول الترويج لها".
غير أن وزير الخارجية السابق مروان المعشر قدم تفصيلا في مضمون وشكل الخطة أمام مجموعة من قيادات حزب "جبهة العمل الإسلامي" مؤكدا أن "إسرائيل والولايات المتحدة لا تريدان دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة، ولا ترغب إسرائيل في استمرار وجود أغلبية فلسطينية داخل الأراضي التي تسيطر عليها".
واستند المعشر -أول سفير للمملكة لدى إسرائيل عام 1995- إلى وجود 6.6 ملايين فلسطيني بالضفة وغزة والقدس الشرقية مقابل 6.5 ملايين إسرائيلي (يهودي)منبها إلى أن الحل من وجهة النظر الإسرائيلية "تهجير الفلسطينيين بشكل أو بآخر إلى الأردن".
وتابع "سيتم خلق ظروف لتهجير الفلسطينيين أو الطلب من الأردن أن يدير تلك المناطق التي لا تريدها إسرائيل في الضفة" كما أبدى قلقه مما سمعه من مسؤولين أردنيين سألوا "كيف سنقاوم الضغوط الأميركية؟ وإننا لا نستطيع أن نفعل شيئا" مستذكرا الموقف الأردني إبان حرب الخليج الثانية قائلا "قطع الأميركيون المساعدات عن الأردن وكذلك العرب ولم نمت".
الحل الزاحف
أما الكاتب والمحلل السياسي جميل النمري فيقول "هناك خوف شديد من أن الأردن سيكون تحت ضغط كبير وليس لديه الإمكانيات للتصدي لهذه الصفقة " لكنه رجح "عدم موافقة عمّان على أي صفقة تتنكر للحقوق الفلسطينية" موضحا أن عدم موافقة الجانب الفلسطيني عليها يعني بالضرورة أن الأردن لا يوافق عليها.
وأضاف أن "إشكالية" الصفقة ليست عشية إعلانها وإنما تمتد للشهور والسنوات المقبلة، فهي ستكون مرجعية أو سقفا للحل كما رسمته واشنطن "وسوف نجد أنفسنا أمام حالة من الحل الزاحف بوجود وقائع تفرض نفسها تدريجيا وتتحول إلى واقع لا يمكن إلا التعامل معه ومع نتائجه، وهذا هو الخطر الحقيقي، حيث تصبح المقترحات الاقتصادية المتعلقة بالحل مقبولة دون أن يتم التوقيع على الصفقة، وهذا ما فعلته أميركا في خطوات وقرارات سابقة اتخذتها في هذا الشأن".
واستشهد النمري ببدء تدفق الغاز من إسرائيل إلى البلاد مطلع العام الجديد رغم المعارضة الواسعة للاتفاقية، معتبرا ذلك "ضربة للشارع الأردني" وعدّها ضغطا أميركيا حصل بموجبه الأميركيون والإسرائيليون على ما يريدونه.
ودفعت واشنطن لعمّان مساعدات نقدية اقتصادية وعسكرية العام الماضي فاقت 1.5 مليار دولار، لتكون بذلك في مقدمة الدول التي تقدم مساعدات للمملكة.
واستبعد النمري -الذي كان عضوا بمجلس النواب السابق- حدوث "تهجير قسري جماعي للفلسطينيين باتجاه الأردن" مؤكدا أن الخطر "ليس من موجة تهجير جماعية، وإنما في دفع الأردن تحت ضغوطات الحاجة إلى تبني سياسات مثل التجنيس أو أن يكون الملاذ الأخير لسكان الضفة الغربية".
المصدر : الجزيرة