المصدر / وكالات
تنامي عمليات السرقة والسطو ببغداد ومدن عراقية أخرى بات يقلق المواطنين ويضيف تحديات جديدة أمام أصحاب المال والأعمال، وبينما يقول البعض إن هذه المافيات تتحرك وضح النهار بغطاء من المتنفذين تؤكد السلطات أنها تبذل ما بوسعها للقبض على اللصوص وفضحهم.
لم تعد أخبار السطو على محلات الصيرفة وسيارات البنوك وحتى المنازل تثير الاستغراب في الشارع العراقي بعدما أصبحت هذه الحالات تجري بشكل شبه يومي، ولا سيما في العاصمةبغداد، في ظل تزايد المخاوف من تأثير الأزمة المالية على توفير رواتب موظفي الدولة.
ورغم كل التدابير الأمنية التي تتخذها الأجهزة الحكومية فإن هذه الحوادث تتزايد باستمرار، ولم تفلح محاولات القبض على بعض اللصوص أو عرضهم على شاشات التلفزة وهم يدلون باعترافاتهم في التخفيف من قلق ومخاوف المواطنين من أن تنالهم مثل هذه الجرائم.
مصادر في وزارة الداخلية العراقية قالت للجزيرة نت إن مرتكبي هذه الجرائم هم عصابات محترفة تمتلك أسلحة وأعتدة وسيارات دفع رباعي ويرتدي بعضها ملابس القوات الأمنية للتمويه على تحركاتها في الشارع.
وأضافت أن تشكيلات الوزارة لا تتردد في التعامل مع هذه العصابات بكل حزم، حيث تم القبض على العشرات من عناصرها خلال الشهور الماضية وأُنزلت بهم أحكام عقابية قاسية، وفقا لهذه المصادر.
وقد دفعت هذه الحوادث الكثير من أصحاب رؤوس الأموال إلى إغلاق محلاتهم ومصالحهم التجارية والإحجام عن الاستثمار في بغداد، والانتقال إلى أماكن أكثر أمنا كإقليم كردستانالعراق وتركيا.
وللتعامل مع هذا الوضع دعا مجلس محافظة بغداد إلى وضع آلية جديدة لتسليم رواتب الموظفين عن طريق استخدام البطاقة الذكية تفاديا لوقوعهم ضحية هذه الجرائم.
ويبدو أن الشريحة الأكثر استهدافا من قبل هذه العصابات هي أصحاب شركات الصيرفة ومكاتب التحويل المالي.
ويقول أبو خالد -وهو صاحب محل صيرفة في منطقة المنصور غربي بغداد- إنه تعرض قبل أسابيع إلى سرقة مبلغ ثمانين مليون دينار عراقي (حوالي 65 ألف دولار) بعد أن هاجمته عصابة أثناء خروجه من أحد المصارف حاملا معه رواتب للمتقاعدين.
ويضيف أبو خالد أنه نجا من الموت بأعجوبة بعد أن استطاع الفرار من المسلحين الذين كانوا يترصدونه تاركا لهم المبلغ ومؤثرا السلامة.
|
تزايد جرائم السطو المسلح دفع أصحاب محلات الصيرفة لاتخاذ تدابير أمنية مشددة (الجزيرة) |
تجاهل أمني
أما أبو محمد الذي يعمل في نفس المجال بمنطقة الكرادة شرقي العاصمة فيؤكد أن الحواجز الأمنية لا تتعاون مع الأشخاص الذين يتعرضون للسرقة خوفا من سطوة بعض هذه العصابات وأعدادها الكبيرة.
ويقول إنه أصبح أكثر حذرا في تحركاته خوفا من تتبع اللصوص له أثناء تنقلاته بين بيته وعمله، واضطر مؤخرا إلى اقتناء سلاح مرخص للدفاع عن نفسه، لكنه يتساءل "ما الذي سيفعله مسدس عادي أمام عصابة مدججة بأحدث أنواع الأسلحة؟".
ويتهم البعض مليشيات متنفذة بالوقوف وراء هذه الجرائم، ولا سيما أن معظم هؤلاء اللصوص يستخدمون سيارات دفع رباعية مملوكة للدولة، وينفذون عملياتهم في وضح النهار، ويمرون في المناطق المستهدفة من دون أن تعترضهم الأجهزة الأمنية.
وكان أمرا ملفتا الاستهداف المتكرر للدوائر الحكومية التابعة للمحافظات التي تدور فيها رحى الحرب بين الجيش ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
حالة فوضى
وتعرضت مديرية صحة الأنبار قبل أسابيع لعملية سطو على رواتب موظفيها في مقرها البديل ببغداد، بالإضافة إلى عدة عمليات مماثلة.
وفي حديث للجزيرة نت قال النائب عن محافظة ديالى رعد الدهلكي إن هناك مافيات تحكم بعض مفاصل الحياة العامة في العراق، وتعمل على استمرار حالة الفوضى التي تعيشها البلاد.
ويؤكد أن الأزمة المالية دفعت المافيات إلى زيادة جرائمها لتعويض نقص السيولة المالية في مؤسسات الدولة، مضيفا أن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لعدم تقييد السلاح وحصره بيد الدولة، وعدم ضبط سلوك بعض الأجهزة الأمنية.
ويشدد على أن هذه المافيات اخترقت الأجهزة الأمنية وأصبحت ذات سطوة وتأثير كبيرين، مستغلة هشاشة الحالة الأمنية في البلاد وسكوت السلطات عنها.