المصدر / وكالات - هيا
وسط التصعيد المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران، وتراشق التصريحات بين الطرفين، وتعليق طهران بعض التزاماتها الخاصة بالاتفاق النووي، الذي وقعته مع القوى الدولية عام 2015، وإعلانها الاثنين رفع إنتاج اليورانيوم المخصب، إضافة إلى تهديداتها المتكررة بشأن إغلاق مضيق هرمز، هل تستطيع إيران غلق الممر المائي الذي يربط الخليج العربي ببحر عمان.
وفي هذا السياق، نشر الباحث في برنامج الشرق الأوسط التابع لمعهد لندن الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، Clément Therme، مقالاً في صحيفة "لوموند" الفرنسية عنوانه: "إيران لا ترى أن الحرب ضد الولايات المتحدة مُجدِية لها".
وأوضح قائلاً: "يبدو أن إيران لا تستطيع إقفال مضيق هرمز لفترة طويلة، لعدة أسباب."
وفي معرض تعداده لتلك الأسباب، قال:" أولاً التفوق العسكري للولايات المتحدة التي يتمركز أسطولها الخامس في البحرين. ثم حقيقة أن المضيق تستخدمه إيران لنقل غالبية صادراتها النفطية. أخيراً لأن شركاء إيران الرئيسيين، مثل الصين، سيعارضونها بسبب خطر ارتفاع أسعار النفط وأيضاً لأن معظم النفط الذي يمر عبر المضيق موجه للأسواق الآسيوية."
إلى ذلك، رأى أنه على الرغم من أن رسالة إيران واضحة، ومفادها "إما أن يُصدر الجميع النفط أو لا أحد يصدر النفط"، لفإن ذلك غير ممكن، واسترجع في هذا الإطار ما جرى خلال حرب الناقلات في حرب الخليج الأولى (1980-1988)، وخلال العقوبات الأميركية السابقة على النفط في 2011-2012،، حيث "لم تنجح إيران على الرغم من التهديدات الخطابية، في إيقاف حركة المرور البحري في المضيق".
حكومة إيران "مهددة"
كما أكد الكاتب أنه "إذا أثارت طهران أعمالاً عدائية ضد الولايات المتحدة، فإن هذا القرار سيهدد بقاء حكومة إيران، مع تنامي السخط الشعبي في البلاد، لذلك من مصلحة الفريقين الحفاظ على سلام بارد. ففي الولايات المتحدة، هناك إرهاق للحرب نتيجة التدخلات في أفغانستان (2001) والعراق (2003) وهما إخفاقان من حيث إعادة بناء البلدين والأهداف المنشودة لتبرير التدخل العسكري. وفي إيران، وبالنسبة للإيرانيين، لا تزال ذاكرة الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) حاضرة للغاية في الذاكرة الجماعية، وأحد مواطن القوة الرئيسية لنظام طهران هو ضمان حد أدنى من الاستقرار للسكان مقارنة مع الدولتين الجارتين العراقية والأفغانية الضعيفة".
وتابع: "بعبارة أخرى، إطلاق العنان للحرب يعني تهديد الحكومة الإيرانية لبقائها بسبب الاستياء الشعبي من الأزمة الاقتصادية وعدم إحراز تقدم كبير في مجال حقوق المرأة وحرية التعبير في البلاد. وفي ظل حكومة معتدلة رسمياً، فضلت إيران حتى الآن استمرار الوضع الراهن، حيث لم يظهر تصعيد إقليمي أو حوار مع إدارة ترمب التي يبدو أنها تسعى إلى هدف تغيير النظام السياسي لإيران كبدائل ذات صدقية. وتتمثل العوامل الرئيسية التي تحدد موقف طهران بالانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة في البلاد (2020 و2021) وقدرتها على التحايل على العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب لواشنطن. ولا تريد إيران أن تملي سرعة رد فعلها عن طريق العوامل الخارجية حتى لو كانت نتيجة الانتخابات الأميركية في نهاية العام المقبل ستكون أيضاً عنصراً حاسماً في الحسابات الإيرانية".
"حظر النفط الأميركي"
وأضاف الكاتب: "في الوقت الحالي، هناك إجماع على هدف المقاومة أو حتى المرونة للضغوط الأميركية ولكن ليس حول الطريقة: الاعتدال أو الإفراط في الاستهداف من خلال أخذ الرهائن والإجراءات الاستخباراتية على الأراضي الأوروبية أو في البيئة الإقليمية التي تستهدف القوات الأميركية. كما يمكن تحديد الصعوبات في الاستجابة لحظر النفط الأميركي من خلال استهداف القوات الأميركية في المنطقة. الخطر الرئيسي هو أن السياسة الأميركية المتمثلة في أقصى قدر من الضغوط ستؤدي إلى عسكرة أكبر للنظام السياسي. ومع ذلك، فإن الغضب في خطابات المحافظين الإيرانيين، خاصة القادة العسكريين للحرس الثوري، يعارض الوسائل العسكرية الإيرانية المحدودة. يمكن تحديد الصعوبات في الاستجابة لحظر النفط الأميركي من خلال استهداف القوات الأميركية في المنطقة".
مفاوضات جديدة؟
كذلك أشار الكاتب إلى أن "الأزمة الحالية هي عودة إلى فترة التوترات العسكرية الإيرانية الأميركية التي سادت في عهد جورج دبليو بوش (2001-2009). مع اثنين من الاختلافات الرئيسية: رغبة الرئيس ترمب في الانسحاب العسكري من الشرق الأوسط الكبير، وتضاعف بؤر الأزمة (الحروب في سوريا واليمن على وجه الخصوص)".
وتساءل: "هل يمكننا تصور مفاوضات مباشرة جديدة بين واشنطن وطهران؟ ما يرفضه المرشد الأعلى بشكل خاص هو إنشاء قناة مناقشة عامة. إنه يفضل الدبلوماسية السرية والمفاوضات غير الرسمية في علاقات إيران مع "الشيطان الأكبر" الأميركي. هذا هو السبب في أن المؤسسات غير المنتخبة منعت دائماً التطبيع الكامل للعلاقات الدبلوماسية بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة. حاول الرئيس رفسنجاني في عصره خاصة الرئيسين خاتمي وروحاني السعي لتحقيق هذا الهدف المتمثل في التطبيع الكامل للعلاقات مع الولايات المتحدة لأسباب تتعلق بالسياسة الواقعية (ضمان بقاء الجمهورية الإسلامية)، لكن المرشد الأعلى كان دائماً يحظر هذه المبادرات لأسباب أيديولوجية: الحفاظ على تراث آية الله الخميني".