المصدر / وكالات - هيا
قال الكاتب الأميركي توماس فريدمان إن الولايات المتحدة تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، لا سيما من جانب الرئيس دونالد ترامب.
واستشهد في مقال بصحيفة نيويورك تايمز بما درج على ترديده رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق آموس يالدين من أن تل أبيب تواجه تهديدين وجوديين من إيران النووية، ومن تحولها إلى دولة ذات قوميتين مما سيضفي الديمومة على احتلالها الضفة الغربية بسكانها الفلسطينيين البالغ تعدادهم 2.5 مليون نسمة.
وفي حين تملك إسرائيل إستراتيجية للتصدي للتهديد الأول فإنها تفتقر لأي خطة لمواجهة التهديد الثاني.
أما السبب في ذلك -بحسب فريدمان- فينبع من تهديد وجودي ثالث لإسرائيل وهو القادم من أميركا، ليس فقط من قبل الرئيس ترامب بل من المشرعين الموالين لها داخل الكونغرس ومن لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك) أقوى جماعة ضغط (لوبي) إسرائيلي بالولايات المتحدة.
ويقول فريدمان بلهجة تنم عن سخرية لاذعة "إنه التهديد المتمثل في حب أميركا لإسرائيل حتى الموت".
ويرى الكاتب اليهودي أن نهج ترامب القائم على أن "كل شيء مباح" لإسرائيل -والذي يتم تصويره على أنه "تحول إستراتيجي"- لا يعدو أن يكون مسعى من جانبه للحصول على مزيد من التبرعات لحملته الانتخابية المقبلة من "المحسن اليهودي اليميني المتطرف" شيلدون أديلسون.
كما أن ترامب ينشد إقناع اليهود بالتخلي عن الحزب الديمقراطي والتصويت لمرشح جمهوري، إذ يلتمس في ذلك عونا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي مقابل ذلك لن يتورع الرئيس الأميركي عن منح نتنياهو كل ما يطلبه، بما في ذلك مباركة ضمنية لإعادة انتخابه رئيسا للحكومة الإسرائيلية المقبلة.
غير أن الكاتب يحذر من أن العديد من مسؤولي آيباك يدركون أن كل تلك المساعي قد تنتهي بكارثة لإسرائيل، لكنهم يخشون الحديث عنها علنا.
إن التساهل مع نتنياهو في مسعاه لبسط سيطرة إسرائيل الدائمة على الضفة الغربية -كما جاء بالمقال- من شأنه أن يدفع ترامب والكونغرس واللوبي الإسرائيلي إلى إيجاد وضع يفضي نهاية المطاف إلى انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية بتلك المنطقة.
وسيقول الفلسطينيون وقتها لإسرائيل -كما قالها البعض منهم بالفعل- إنهم يريدون الحصول على الجنسية الإسرائيلية. وستجد إسرائيل بتحكمها في أكثر من 2.5 مليون فلسطيني نفسها أمام خيار واحد: إما أن تتقاسم معهم السلطة على أساس المساواة، أو تحرمهم من ذلك بانتظام.
وإذا ما حدث هذا السيناريو -يقول فريدمان- فإن نقاشا بشأن ما ينبغي لإسرائيل عمله سيقضي على المعابد اليهودية والاتحاد اليهودي والمؤسسات اليهودية بأميركا بما في ذلك آيباك، مشيرا إلى أنه طالما كان هناك حل معقول مطروح على طاولة التفاوض يؤسس لدولتين فإن تلك الأصوات تظل ساكتة عن مثل ذلك النقاش.
وطبقا لفريدمان، لطالما كانت مهمة الرئيس الأميركي وضع خطوط حمراء تُجبر رؤساء الحكومات الإسرائيلية أو الزعماء العرب على مخاطبة المتطرفين في بلدانهم قائلين "قلبي معكم، لكن الرئيس الأميركي سيكسر ذراعي لو أنني فعلت ما تفعلونه من جنون. لذلك لن أستطيع القيام بما تقترحونه علي رغم تعاطفي معكم".
وقد تخلى ترامب قد تخلى عن تلك المهمة وتبنى عوضا عنها سياسة ثابتة تقوم على إضعاف السلطة الفلسطينية التي تدير الضفة الغربية -كما يزعم الكاتب- بينما يرفع القيود عن ضم إسرائيل التدريجي للضفة.
الاشمئزاز
وفي ظل هذا الوضع الذي تواصل فيه واشنطن إضعاف وتهديد السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس بذريعة تحريضهم ضد الإسرائيليين، وتغض الطرف عن تعاون عباس الأمني -الذي يصفه المقال بالحقيقي والحيوي والهادئ- فإنها (الولايات المتحدة) مع تل أبيب لا تنبس ببنت شفة عندما يستفز نتنياهو "عرب إسرائيل" (فلسطينيي الداخل) بوصفهم أنهم ليسوا مواطنين حقيقيين بدولة إسرائيل التي تخص اليهود وحدهم، حسب قوله.
إن ما يثير الاشمئزاز -على حد تعبير فريدمان- أن إدارة ترامب لم تتفوه بكلمة تدين تحالف نتنياهو مع "العنصريين المناوئين للعرب" تماما كما لاذ الديمقراطيون بالكونغرس بالصمت بينما سارعوا بإدانة العضو إلهان عمر بدعوى تصريحاتها المعادية للوبي الإسرائيلي.
واعتبر الكاتب هذا التصرف من جانب ترامب والكونغرس من قبيل ازدواجية المعايير التي تنطوي على ما سماها "تبعات إستراتيجية". وأضاف أنه لا يتعاطف مع السلطة الفلسطينية لأنها "فاسدة وسيئة الإدارة وتحرض أحيانا على العنف".
وبرأيه، فإن حركة حماس لا تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، محذرا في الوقت نفسه من أنه إذا انهارت السلطة الفلسطينية بالضفة أو إذا اختار الشباب الفلسطيني هناك الانضمام جماعات إلى حماس في اشتباكها مع إسرائيل، فإن التحدي الإستراتيجي الذي يواجه إسرائيل سيكون هائلا.