المصدر / وكالات
في توقع صادم لمنتجي النفط الأميركيين، توقعت وكالة معلومات الطاقة الأميركية أن ينخفض الإنتاج الأميركي من النفط من 9.4 مليون برميل يومياً في العام 2015 إلى 8.7 مليون خلال هذا العام، على أن يتراجع مرة أخرى خلال العام المقبل إلى 8.5 مليون برميل يومياً.
هذا التراجع في إنتاج النفط الأميركي يعود أولاً إلى تراجع الاستهلاك الصيني من النفط، وقد تأثرت الأسواق الدولية بشكل مباشر بهذا الانخفاض، لكنها شهدت تراجعاً عميقاً وسريعاً بعد تمسّك المملكة العربية السعودية بإنتاج نفطي يعادل ما كانت تنتجه قبل الأزمة الصينية، وقبل تصاعد إنتاج النفط الأميركي إلى 9.4 مليون يومياً.
السبب الثاني لتراجع الإنتاج الأميركي يعود إلى أن تكلفة استنباط النفط الصخري تبقى أعلى بكثير من نفط السعودية وبعض دول "أوبك"، وقد اضطرت شركات نفط أميركية كثيرة إلى خفض عدد منصات الإنتاج، كما أوقفت استثماراتها في حقول وآبار جديدة.
"إفلاسات"
أشار تقرير صدر يوم الاثنين إلى أن ثلاثة مصارف كبيرة تتوقع تراجع برميل النفط في الأشهر المقبلة إلى ما دون 30 دولاراً، وأن شركات النفط الأميركية تخسر ملياري دولار كل أسبوع، وأن هذه الشركات ستقطع ميزانيتها بنسبة 51% مقارنة مع العام 2014، خصوصاً أن هذه الشركات ترى تعويماً لكميات النفط في الأسواق تصل إلى العام 2017.
ذكرت "وول ستريت جورنال" أن مصرفيين يحذّرون من أن بعض شركات النفط الأميركية تتابع ضخ النفط، ليس لأن السوق تحتاج إلى المزيد، بل لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لديها لدفع الفائدة على الديون، وأن بعضها ينتج فقط لدفع تكلفة الدين. وحذّر المصرفيون من أن شركات عديدة ستضطر للإفلاس بعدما وصل مجموع دين شركات النفط في العام 2015 إلى 353 مليار دولار، وسيكون من الصعب عليها دفع هذه الديون أو متابعة دفع الفائدة المترتبة عليها إلا إذا ارتفع سعر البرميل إلى ما فوق 50 دولارا وفي وقت قريب.
لا تبشّر تقديرات وكالة معلومات الطاقة الشركات الأميركية بالكثير، لأنها أشارت إلى أن سعر البرميل سيصعد خلال العام الحالي إلى 40 دولاراً، وإلى 50 دولاراً خلال العام المقبل، وسيكون من الصعب على كثير من هذه الشركات أن تبقى في السوق لو تأخّرت الأسعار في الارتفاع والعودة إلى مستويات تغطي التكلفة.
حذّرت وكالة معلومات الطاقة أيضاً من أن السوق ما زالت غير مستقرة، وأنها تبني توقعاتها على توقعات الأشهر الثلاثة المقبلة، واعتبرت أن سعر تسليم إبريل 2016 هو 37 دولاراً ، لكن الأسعار يمكن أن تتراوح بين 25 و56 بالمئة، وهذه علامة واضحة على عدم استقرار الأسعار والطلب والكميات المتوفّرة.
المستهلك الأميركي والنفط السعودي
يبقى أن هذا التراجع في الأسعار أفاد المستهلك الأميركي بشكل كبير، ويقدّر اقتصاديون أن تراجع أسعار النفط خلال العام 2015 وفّر أكثر من 250 مليار دولار على المستهلك الأميركي، وقد استعمل المستهلكون الأميركيون هذه الأموال لزيادة التوفير ودفع الديون، والأهم أنهم اشتروا سيارات جديدة.
المؤشر الآخر المهم للسوق الدولية هو أن السوق الأميركية استهلكت خلال العام 2015 ما معدّله 19.37 مليون برميل يومياً، ومن المنتظر أن يرتفع الاستهلاك إلى 19.53 مليون برميل يومياً خلال هذا العام، ويتابع ارتفاعه إلى 19.81 مليون برميل يومياً العام المقبل، وهذا يفتح الباب الأميركي أكثر أمام نفط دول منظمة "أوبك"، خصوصاً السعودية، فيما يبقى المنتجون الأميركيون يعانون من ارتفاع التكلفة.