المصدر / وكالات
اثار إعلان السعودية تشكيل تحالف عسكري اسلامي لمواجهة الارهاب تحفظ القاهرة التي تخشى أن يؤثر ذلك على القوة العربية المشتركة التي يجهد الرئيس عبدالفتاح السيسي في تفعيلها.
يأتي ذلك بعد دعوة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لتشكيل قوة عربية تواجه الإرهاب بريا، لكنه تخلى في الوقت ذاته عن دعم السعودية فيما يتعلق بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.
السيسي: القوة العربية المشتركة ضرورية لإنجاح التحالف الاسلامي
الرئيس المصري أكد أن القوة العربية المشتركة ليست موجهة ضد أي طرف وإنما تحمل رسالة واضحة تعكس قدرة العرب على التكاتف والاصطفاف والدفاع عن مصالحهم في مواجهة التحديات، مشيرا إلى أنه "يتعين تعزيز الجهود العربية، للتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات التي تمر بها بعض الدول العربية، بما يضمن وحدتها وسيادتها على أراضيها، ويحفظ مؤسساتها الوطنية، ويصون مقدرات شعوبها"، مشيرا إلى ما تمثله مناطق الأزمات من أرض خصبة تنمو فيها قوى التطرف والإرهاب.
تحفظات السيسي التي تضمنت مخاوف من تأثير تشكيل التحالف الاسلامي العسكري على تشكيل القوة العربية المشتركة التي اقترحتها مصر، وعطلت السعودية استكمال نقاشاتها، حيث تسببت في إلغاء آخر اجتماع لوزراء الدفاع بالجامعة العربية، وهي بذلك تعني عدم التأييد الكامل للقوة العربية الجديدة.
غضب إعلامي إيراني من التحالف الإسلامي العسكري
وفي المقابل جاءت مخاوف من نوع آخر تمثلت في الغضب الإيراني من التحالف العسكري الإسلامي، حيث انتقدت طهران السعودية لاستثناء العراق وسوريا من التحالف، واعتبرت صحف إيرانية أن التحالف جاء بعد ما وصفته بـ"هزيمة واشنطن"، زاعمة أن الولايات المتحدة قدمت دعما للإرهابيين وعلى مختلف الصعد.
واتهمت طهران الرياض بدعم تنظيمات متشددة وتحدثت عن "إرهاب سعودي - أمريكي" في سوريا والعراق، وقامت وكالة "فارس" الإيرانية شبه الرسمية بعرض تقارير إعلامية زعمت بأنها تظهر الروابط بين الرياض وتنظيمات متشددة.
ولم يتوقف الأمر عند الهجوم الإعلامي بل تخطاه إلى التصريح الرسمي لنائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي أكد أن بعض الجماعات المرتبطة بتنظيم "داعش" شاركت في المحادثات التي استضافتها السعودية لجماعات وفصائل من المعارضة السورية في العاصمة الرياض مؤخرا.
كيري يدفع السعودية إلى تشكيل تحالف قادر على المواجهة البرية ثم يتراجع عن الرغبة في الإطاحة بالرئيس السوري
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لم يستبعد المشاركة البرية في مواجهة "داعش"، هذا الأمر لا يمكن استبعاد صدوره بعد دعوة وزير الخارجية جون كيري التي جاءت في وقت سابق إلى نشر قوات برية عربية وسورية لمواجهة التنظيم في سوريا.
كيري شدد على أنه من دون إمكانية تشكيل قوات برية جاهزة لمواجهة "داعش"، لا يمكن كسب هذا النزاع بشكل كامل بالضربات الجوية فقط، ثم أطلق تصريحات، استغربتها عواصم منها الرياض، قال فيها إن واشنطن لم تعد تسعى إلى تغيير النظام في سوريا، وهو الأمر الذي يبدو نقلا لراية المواجهة إلى التحالف الإسلامي، وهو ما يرى فيه البعض توريطا للسعودية في مواجهة مع إيران.
كاتب بريطاني: التحالف الاسلامي يستهدف إيران أكثر من "داعش"
من ناحيته، يرى الكاتب البريطاني برايان ويتاكر أن التحالف الذي دشنته السعودية يستهدف إيران أكثر منه "داعش" أو غيره من التنظيمات الإرهابية، موضحا أن غياب إيران والعراق وأفغانستان وسوريا عن مثل هذا التحالف ربما يعد دليلا دامغا على ذلك.
"فاينانشال تايمز": التحالف خطوة في الحرب بالوكالة التي تخوضها السعودية ضد إيران
الأمر ذاته ركزت عليه صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية التي اعتبرت أن التحالف الإسلامي العسكري الذي أعلن عنه في الرياض، دليل جديد على تصاعد نفوذ المملكة العربية السعودية، موضحة أن التحالف الجديد يمثل خطوة في الحرب بالوكالة التي تخوضها السعودية ضد المنافس الإقليمي إيران، موضحة أن الإعلان عن التحالف الإسلامي الذي يضم 34 دولة، يأتي في الوقت الذى يحاول فيه المجتمع الدولي إيجاد حل للأزمة في سوريا واليمن.
وأضاف تقرير الصحيفة أن تحالفا عسكريا بهذه الصورة من شأنه أن يجعل السعودية تخطو خطوة أقرب للعب دور "شرطي المنطقة"، مشيرا إلى أن السعودية تخشى البرنامج النووي الإيراني، وكذلك نفوذ طهران في اليمن من خلال مليشيات الحوثي، ووضع الشيعة في هذا التحالف، فإيران غير موجودة في التحالف والبحرين ذات الأغلبية الشيعية وعضو التحالف تعتمد على السعودية ضد التدخلات الإيرانية والاحتجاجات الشيعية، التي تقع فيها منذ ما سُمي الربيع العربي.
أمريكا تغذي التوتر السعودي الإيراني
بين التنافس السياسي والصراع السني الايراني القائم، والتلاعب الأمريكي في المنطقة العربية، وتمريرها لسياسات من شأنها إشعال الفتن المذهبية، ودفعها لصدام سعودي إيراني، يأتي التحالف الاسلامي بعد ايام من دعوة كيري لمواجهة برية لداعش، فهل تجر الولايات المتحدة السعودية وتحالفها الجديد إلى مواجهة مع عدوها الاقليمي إيران ؟ سؤال تصعب الإجابة عليه الآن لكن مقدماته في غاية الخطورة.
إيهاب نافع