المصدر / وكالات
دعت الجبهة الشعبية الائتلاف اليساري المعارض الذي يضم 11 حزبا، إلى سحب الثقة من الائتلاف الرباعي الحاكم الذي اتهمته بالفشل في إدارة الشأن العام أو إجراء انتخابات تشريعية مبكرة ما يعني ضمنيا حل البرلمان وشددت على أن مبادرة الرئيس الباجي قائد السبسي بتشكيل حكومة وحدة وطنية غير دستورية واصفة إياها بمسرحية نتائجها معلومة مسبقا.
ورفضت الجبهة الشعبية المشاركة في اجتماع أشرف عليه الأربعاء الرئيس الباجي قائد السبسي بقصر قرطاج مع عدد من القوى السياسية والمدنية مشددة على أن نتائجه معلومة مسبقا وتحمل مخاطر على التجربة الديمقراطية.
وقال حمة الهمامي الناطق باسم الجبهة الشعبية الذي كان يتحدث الأربعاء إلى إذاعة محلية إن مبادرة حكومة الوحدة الوطنية غير دستورية مضيفا "من يريد تغيير الحكومة عليه أن يتجه إلى البرلمان وفي حال اعتراف الائتلاف الحاكم بفشله باستطاعته الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة".
وتابع "هناك منهج لابد من انتهاجه" في إشارة إلى تطبيق الدستور الذي ينص على أن اقالة رئيس الحكومة لا يتم إلا من خلال البرلمان.
وقال الهمامي إن نتائج المشاورات التي يديرها قصر قرطاج بخصوص المبادرة مرتبة مسبقا، والجبهة لن تشارك في ذلك ولن تغالط الرأي العام.
وتذهب القوى السياسية والمدنية المعارضة الى القول بأن مشاورات السبسي المعلنة تتم بالتوازي مع مشاورات أخرى بعيدا عن وسائل الإعلام مع قيادات الائتلاف الحاكم وخاصة راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في ما يتعلق بتركيبة الحكومة ورئاستها.
وتستبطن تصريحات الهمامي رسالة سياسية قوية موجهة إلى السبسي وإلى الائتلاف مفادها أن الجبهة ترفض حل الحكومة من قبل قصر قرطاج وتطالب بسحب الثقة منها من قبل البرلمان ثم إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وأرجعت الشعبية عدم مشاركتها في الاجتماع إلى ما قالت إن مخرجاته معلومة مسبقا وتحمل مخاطر على المسار الثوري في البلاد وعلى مصالح الشعب وسيادة الوطن في إشارة إلى وجود ترتيبات وتفاهمات مسبقة بين مكونات الائتلاف الحاكم.
وتطالب القوة الانتخابية الرابعة المعارضة بالقطع التام مع السياسات التي انتهجها الائتلاف الحاكم منذ أكثر من عام ولم تقد سوى إلى تعميق الأزمة السياسية والمزيد من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية.
ووصف الجيلاني الهمامي النائب عن الجبهة الشعبية المبادرة السياسية بالمسرحية وبالحركة العبثية، مشيرا إلى أن الحوار لن يؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية باعتباره يمثّل محاصصة جديدة.
ورأى أمين محفوظ الخبير في القانون الدستوري أن الأزمة السياسية التي تشهدها تونس تستوجب إجراء تعديلات على القانون الانتخابي من قبل البرلمان باتجاه تغيير طريقة انتخاب أعضائه من التمثيل النسبي إلى الأغلبية.
ويشير محفوظ إلى أن الفصل 99 من الدستور التونسي الذي ينص على أن "النزاعات المتعلقة باختصاص كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ترفع إلى المحكمة الدستورية التي تبت في النزاع في أجل أسبوع بناء على طلب يرفع إليها من أحرص الطرفين".
ويرى عدد من خبراء القانون الدستوري أن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة من شأنه أن ينتشل البلاد من أزمتها السياسية وذلك من خلال إفراز أغلبية برلمانية مطلقة لأحد الأحزاب الذي بإمكانه ترشيح رئيس الحكومة.
وعلى الرغم من عدم مجاهرتها تخير قيادات الجبهة الشعبية أن يقود المشاورات الرباعي الراعي للحوار الوطني: إتحاد الشغل ومنظمة أرباب العمل ورابطة حقوق الإنسان وعمادة المحامين بما من شأنه أن يضمن الحياد والخروج من الأزمة السياسية من خلال تشكيل حكومة سياسية برامجية.
ويربط سياسيون الدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها بضغوط النهضة التي تطالب بأكثر ما يمكن من الحقائب الوزارية ضمن تركيبة الحكومة المرتقبة.
وإضافة إلى ضغوط النهضة يربط خبراء القانون الدستوري الأزمة السياسية بطبيعة مبادرة حكومة الوحدة الوطنية نفسها إذ يرون فيها مؤشرا على بداية جر السبسي النظام السياسي شبه البرلماني إلى نظام رئاسي.
ويرى قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية أن "مبادرة السبسي جاءت لتدل على أن مركز الثقل داخل السلطة في تونس هو القصر الرئاسي وليس قصر الحكومة بالقصبة ولا قصر البرلمان.
ويشدد سعيد على أن هناك نظاما سياسيا رئاسيا يتشكل أو تشكل بصفة موازية للنظام شبه البرلماني.
ويلتقي تحليل سعيد مع رؤية الجبهة الشعبية التي ترى في المشاورات التي يقودها قصر قرطاج تمهيدا لهيكلة الحكومة والحال أنه يفترض دستوريا هيكلة الحكومة وتحديد أولويات برنامجها من قبل رئيس الحكومة الذي يتم ترشيحه أو تكليفه على أن يعرضها على البرلمان لنيل الثقة.
غير أن مراقبين يستبعدون حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ظل تحالف مكونات الائتلاف الحاكم إضافة تعقيدات المشهد السياسي وما يمكن أن تقود إليه الانتخابات من تعميق الأزمة السياسية.